الكاتب المشاركة
زائر
البلد:
البريد :
مقال الجرأة على الله

انحرفات (2/3) :أبناءٌ غلاظ شداد
  
 الشيخ عبد الباسط غويلة

أردت استثمار كل دقيقة مع هذا الفتى لعلي أترك أثراً أساهم به في إنقاده من مستقبل هذا الطريق الذي يسير فيه. سارعت إلى تناول موضوع التجرأ على الذات اللإلهية الذي كان يشغل بالي وتكرر أمامي سمعاً ومشاهدةً، في الأسواق والشوارع والحوارى وبعض المناطق، ولعلمي كذلك أن بعض الطلبة في المدارس يتقاذفون به فيما بينهم بالسبب والشم.

فقلت له :- وماذا عن سب الرب سبحانه وتعالى في مدرستكم؟

فرد قائلاً :- نعم وهذا منتشر بين الطلبة في المدرسة كإنتشار النار في الهشيم ولا يكاد تخلو منه مدرسة كثرة و قلة حسب المناطق ، ثم دعاني للمجئ إلى المدرسة وخاصة عند انصراف الطلبة في نهاية اليوم الدراسي فسوف تسمع ذالك بنفسك.

فاسترجعت وحوقلت وخفت خوفاً رهيباً شديداً فقلت :- ياالله ياالله ياالله عفوك ومغفرتك وحلمك لاتواخذنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين .

سب الرب سبحانه وتعالى والذي لم يتجرأ عليه أبو جهل وأبو لهب وأميه بن خلف وعقبة بن أبي معيط وصناديد قريش بل الوليد بن المغيرة يكاد أن يسلم عندما كان يذهب الى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خلسة ويستمع إلى القرآن ، ولقد وصف القرآن بأوصاف غاية في الروعة والجمال بل كان كفار قريش إن سئلوا عمن خلق السموات والأرض يقولون خلقهن العزيز العليم .

( ولئن سألهتم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) (الزخرف 8) ولم ينقل عنهم القرآن الكريم أنهم سبوا الله تعالى ولا نقلت لنا كتب السنة المطهرة وكتب السيرة ولا كتب التاريخ أنهم سبوا الله تعالى بل الذي نعرفه من القرآن أن الله عز وجل نهى المؤمنين عن سب آلهة الكافرين مخافة أن يسب الكافرون الله عز وجل . (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم ) (سورة الانعام 109) وهذا ما يسمى في القواعد الفقهية بسد الذرائع أي لانسب آلهة الكفار حتى لا يسبوا الله عز وجل فبالله عليكم كيف بمن يتطوع من نفسه فيسب الله تقدست أسماؤه وتعالى جده وتبارك اسمه وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة.

وهذه قصة عجيبة غريبة حدثت في حرم الله عز وجل وحدثني بها الثقة أن شخصين تخاصما في حرم الله عز وجل وتشاجرا فسب أحدهما رب الآخر وللأسف أن الرجلين كانا ليبيين وهذا والله هو الأدهى والأمر.

اهكذا تجرأنا على الله سبحانه حتى في حرمه و الذي لم يتجرأ فيه المشركون بالسب والشتم (ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم).(سورة الحج 23) إلحاد وكفر في بيت الله عز وجل اللهم عفوك وحلمك ورحمتك.

إن العرب كانت تقدس البيت الحرام ويتنافسون في خدمة حجاج بيت الله الحرام بالسقاية والرفادة والضيافة والمسلم الذي ولد من أبوين مسلمين وعاش في بلدة مسلمة كان أحق به أن يعظم البيت الحرام لأن هذا من تقوى القلوب ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) (الحج 30)

فالناس يرجعون من الحج كيوم ولدتهم أمهاتهم إذا لم يفسقوا ولم يرفثوا كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) (حديث صحيح).

وحدثني آخر أنه يسكن في إحدى المناطق فأقسم لي بالله عز وجل أن الرجال والنساء والشباب و الفتيات والصغار يسبون الله عز وجل ثم ذكر هذا الشاب وهو ليس بليبي الجنسية أنهم لايعرفون هذا في بلادهم. إلى عهد قريب كنا نذكر بإزدراء إنتشار هذه الكبيرة في بلد مجاور عفاها الله وابتلانا به.

لقد حدث لي عدة مرات بأني قد سمعت من تجرأ على الله بالسب والشتم في الأسواق والشوارع تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، والله إني لأغضب غضباً شديداً وأشعر بأن السموات تكاد تتفطرن وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ، بل اني أخاف أن يأمر الله عز وجل البحر فينفجر بالنار ثم ترتفع الأمواج عشرات الأمتار فتلتهم البشر وتدمر كل شئ بامر ربها وما بذلك على الله بعزبز وما هي من الظالمين ببعيد وما تسونامي (بأندونيسيا) عنا ببعيد قال تعالى ( إن في ذالك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) (سورة ق 37) وقال سبحانه ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر او يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا) (سورة الاسراء 68) وقال تعالى (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) (سورة الانفطار 6) .

وفي إحدى الأيام وعندما كنت أقود سيارتي بإحدى شوارع طرابلس فإذا بشاب شاهراً سكينه ويتخاصم ويتقاتل هو وآخر ويشتم الرب كما هي عادة هؤلاء الشباب ليخافه الخصم  ويخيف الناس بفعله هذا بجرأته على الله وبالتالي لا يستطيع شخص ما أن ينهاه عن فعله. أية شجاعة وأية فتوة هذه التي تجرك إلى التجرأ على الله. نظرت إليه وأوقفت سيارتي بعيداً قليلاً ثم لما سكت عنه الغضب، قلت :- هل تدري ماذا فعلت ؟ أنت تجرأت على الله عز وجل الذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً، هذا الفعل يخرجك من دائرة الأسلام يعني تصبح كافر والعياذ بالله.

فقال لي :- أرجوك سامحني لقد كنت في حالة غضب ولا أدري ماذا أقول. فأخبرته بالحكم الشرعي فيمن يسب الله تعالى وأن الواجب عليه أن يجدد إسلامه وأن يتوب إلى الله تعالى.

لقد بين الشارع فداحة هذه الجريمة وبين كذلك حكم من سب الله تعالى كما أن المشرع الليبي نص على عقوبات صارمة لمن تعرض للذات اللألهية. لقد شرع اجددنا هذه القوانيين الصارمة التي تجرم هذا الفعل وتعاقب عليه، فالقانون الجنائي الخاص يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنتين في مادته رقم 291 أهانة دين الدولة ، حيث تنص على أن " كل من اعتدى علانية على الدين الإسلامي الذي هو دين الدولة الرسمي بموجب دستور ليبيا أوفاه بألفاظ لا تليق بالذات الإلهية أو الرسول أو الأنبياء يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنتين ". هل نحن مشاركين في هذا الجرم بعدم المطالبة بكل قوة بتفعيل هذه القوانيين.

 
 

August 5, 2010, 9:13 pm